تأثير نظرية المراكز القانونية في قوانين العقود
خلصنا في المبحث السابق إلى أن الحرية التعاقديـة تـوارت أمـام السياسة التدخلية التي انتهجتها الدولة حماية للمصلحة العامة.
مما أثر بشكل مباشر على نظرية العقـود عامـة و عقود الإذعان خاصـة، التـي لـم تـبـق خاضعة بشكل مطلـق للنظريات التقليدية، للقانون المدني المستمدة فلسفتها من مبدأ سلطان الإرادة.
حيث تقيد المجال التعاقدي بشكل جعل من غير المستبعد التساؤل، فيما إذا كانت قوانين العقود من النظام العام.
بما تتضمنه من مقتضيات آمرة تتجه في جلها نحو منح حماية خاصة للطرف الضعيف.
و حيث إن الأمر كذلك ، فلا مندوحة لنا من القول بأن بعض عقود الإذعان، أصبحت تستقل باضطراد عن قانون الالتزامات و العقود.
نذكر على الخصوص عقود التأمين و الاستهلاك و النقل و غيرها كما أوضحنا سلفا، كما أن عقودا أخرى تنحوا نحو هذا المنحى كما هو الشأن بالنسبة لعقود الكراء.
التي بحكم تنوع محلاتها، استقل كل محل بمقتضيات قانونية و تنظيمية 26.
و النتيجة أن شركة التأمين مثلا لا يمكن لها أن تتعاقد بشروط منافية للقوانين الجاري بها في قطاع التأمين، و التي يتم إعدادها و مراقبة تنفيذها من طرف الدولة في شخص الوزارة المكلفة بقطاع المالية.
ونفس الأمر ينسحب إلى قطاع الاتصالات، حيث إنه بعد صدور القانون رقم 96. 24 المتعلق بالبريد و المواصلات.
الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 162. 97. 1 بتاريخ 7 غشت 1997 و كذا المرسوم التطبيقي رقم 1028. 97. 2 الذي تمت الموافقة بموجبه على دفتر التحملات لاتصالات المغرب.
يتحتم على هذه المؤسسة العمومية طبقا للباب الأول من هذا الدفتر تقديم خدمات أساسية للجمهور من أجل النفاذ إلى الخدمة الهاتفية.
توفير لكل واحد من المشتركين نسخة من الدليل العام الهاتفي مكتوبا على الورق، و خدمات مستعجلة يمكن للشخص أن يستعمل مجانا تجهيزا مطرافيـا مرتبطـا بشـبكاتها.
ليبـث فـي الحـين مكالمة هاتفية أو يرسل طلـب إسعاف مستعجل إلى هيأة عامة للإغاثة المستعجلة، خدمات مخادع الهاتف.
إقامة التجهيزات المطرافية و تعهدها و خدمة منقولة ( التلغراف ، التلكس ، الهاتف النقال … ).
و في المقابـل فإنـه طبقـا للفقرة 2 مـن المـادة 11 تحـدد تعريفـات الخـدمات بالخدمة الأساسية بقرار لوزير المواصـلات.
بناء على اقتراح من الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات ، إلا أن المشرع علـق تطبيـق التعويضـات علـى شـهرها وفقا للمسطرة المنصوص عليها في القانون.
ذهب في و النتيجة المستخلصة من النموذجين السالفين أن بعض الفقه.
مبدأ سلطان الإرادة في علاقته مع المراكز القانونية في قوانين العقود
معرض تحليله لعقود الإذعان إلى القول بأن الأمر لا يتعلق فقط بتراجع مبدأ سلطان الإرادة بل التشكك في وجود العقد من أساسه.
بدليل أن المتعاقدين ليسوا أحرارا في اختیار القانون الذي سينظم علاقاتهم التعاقدية و الإجماع في هذه الخلاصة متوفر بين القائلين بالطبيعة التعاقدية لعقود الإذعان،
و المنكرين لهذه الطبيعة، و آية ذلك أن نافذة مختلف التشريعات المقارنة تقر بأن المقتضيات ذات الطابع الإرادي.
غير وجود نص قانوني مخالف لها، مما يوحي بأن العقد توارى ليفسح المجال للمراكز مع القانونية.
لقد عرف جانب من الفقه المراكز القانونية بأنها الوضعية التي يقع فيها الشخص تجاه القاعدة القانونية، أي أن ليس هناك حقوق و واجبات تجاه الأشخاص.
قد يهمك: التوازن العقدي في قوانين الاستهلاك
أو عليهم و إنما يوجد هؤلاء في مراكز قانونية إيجابية أو سلبية و مثاله وضعية المؤمن و المؤمن له، المقرض و المقترض.
الناشر و المؤلف، و تستمد المراكز القانونية قوتها من السلطة العامة التي تجعلها لازمة ، بل مدعمة بمؤيدات قانونية من شأنها فتح المجال للسلطة القضائية، للقول بنفاذها تجـاه الملزم تحت طائلة المسؤولية.
و في هذا السياق، تكونت بعض عقود الإذعان التي قد تتخذ شكل عقود نموذجيـة يمكـن وصـفها تجـاوزا بـاللوائح ، على اعتبار أن إعدادها يـتـم بـإرادة احـد الأطراف.
و تستمد مقوماتها من قاعدة قانونية لها خاصية العمومية و التجريد لتطبق على وضعية محددة، انطلاقا من نوع العلاقة ( قرض ، كراء ، نشر ، مواصلات … ).
و من تم فإنه من الواجب ألا يكون المركز القانوني مخالف للقانون ” إنه من شبه المؤكد، أن كل متعاقد قد يرغب في تطبيق القانون الأفيد بالنسبة إليه.
و هذه غريزة إنسانية غير أنه و بالضرورة لا يمانع في معرفة محتوى العقد.