حق الرجوع في العقود المبرمة عن بعد
مقدمة
في خضم التطور الحاصل في مجال المعلوميات، وبالموازاة مع عولمة الاقتصادات، مما أسفر عنه سهولة ويسر ربط العلاقات بين من لا يتواجدون على رقعة جغرافية مشتركة.
خصوصا مع انتشار التجارة الالكترونية ( E – commerce ) كان من البديهي، أن تتطور سيغ التعاقد أيضا بما يتماشي وهذا التقارب الافتراضي بين الأفراد.
بيد أن العلاقات التعاقدية التي أثارت إشكالات قانونية عديدة هي تلك التي تجمع مهني ضابط لعلم التسويق ( marketing ) محترفا في الإغراء بالوسائل الدعائية.
ومستهلك قد لا تسعفه وسائل الاتصال الحديثة أمام لهفة الحصول على المنتوج أو السلعة أو الخدمة محل التعاقد في تحديد اختيار صائب وموفق.
وفي نفس السياق وبعد طول انتظار دخل القانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك حيز التنفيذ بتاريخ 7 أبريل 32011.
وهو القانون المكمل لكل النظم التي تحمي المستهلك، كما أكد على ذلك في ديباجته، ليؤكد وبظهر جليا مدى أهمية الالتزام بإعلام المستهلك حينما خصص له القسم الثاني منه تحديدا المواد من 3 إلى 14.
بيد أن الالتزام بإعلام المستهلك بكل المعلومات المرتبطة بالمنتوج أو السلعة أو الخدمة، قد لا يفي بالغرض المتوخي من إقراره ، إذا لم يتم الوفاء به يشكل كاف حيث من شأنه أن يضل معه رضى المستهلك بالعقد غير سليمة وغير صحيحة.
ويمتد ذلك إلى مرحلة ما بعد التعاقد، فيجد نفسه ملزما بعقد لا يستجيب لاحتياجاته الحقيقية “، وهو الأمر الواقع بكثرة في عقود الإذعان الاستهلاكية المبرمة عن بعد.
بل وحتى مع صهر المهني على مد المستهلك بكل المعطيات ذات الصلة بمحل التعاقد، تبقى في ضل هذا النوع من العقود – أي العقود المبرمة عن بعد – قاصرة على تحقيق وجاهة خيار المستهلك.
حماية المستهلك في العقود المبرمة عن بعد
أمام هذا الوضع غير السليم ما كان للمشرع المغربي إلا أن يساير معظم التشريعات المقارنة التي سنت تدابير لحماية المستهلك ويقرر حقا لهذا الأخير.
خروجا عن المبادئ العامة في قانون العقود، ويتمثل ذلك في منح المستهلك مهلة للندم أو كما سماه مشرع قانون 31.08 بحق التراجع.
فالأصل كما هو معلوم في النظرية العامة أن الالتزام الناشئ عن العقد بعد تنفيذه عينا ينقضي وينتهي.
ولا يجوز الرجوع إلى الحالة ما قبل التعاقد بناء على قاعدة القوة الملزمة للعقد إلا بتراضي طرفيه طبقا للفصل 230 ق.ل.ع.
لكن الاستثناء جاء مع مشرع قانون 31.08، حينما أعطى وأقر بأحقية المستهلك في الرجوع عن العقد الذي أبرمه وذلك بإرادته المنفردة حيث ينشأ هذا الحق بعد انتهاء العقد وترتيبه لآثاره هذا الحق.